50 بلدة تاريخية
بعد استكمال المسح الميدانيّ المعماريّ الشامل الذي قام به رواق في سنة (2004 – 1994)، والذي نتج عنه إصدار سجل رواق للمباني التاريخيّة، تبيّن أنّ ما يقرب من 50% من المباني التاريخيّة في المناطق الريفيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة تقع في 50 قرية، أو ضمنها، أو قربها. وعليه، باتت رؤيا رواق، على المدى المنظور، التركيز على هذه القرى الخمسين، والعمل على تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل بهدف تحسين الخدمات والبنية التحتيّة وشروط المعيشة في الفراغات الخاصّة والعامّة المحيطة.
في الوقت الذي تواجه فيه فلسطين نكسات في المجالين السياسيّ والاقتصاديّ، يأمل رواق ضمن مساعيه في الخمسين قرية أن تكون له إضافة نوعيّة على المستوى الإقليميّ. إنّ تمكين وتقوية المجتمعات من خلال تقديم الوسائل لتحسين الظروف البيئيّة والمعيشيّة، يشمل الاستجابة إلى القضايا الملحّة التي تواجهها المجتمعات بشكل يوميّ.
مشروع الخمسين قرية هو أداة لإعادة بناء خارطة فلسطينيّة بديلة، نقلة مفاهيميّة تبتعد عن مقاربة الترميم المألوفة –أيّ مقاربة حماية وتوثيق المباني المنفردة– باتّجاه استكشاف سياق مدنيّ أوسع أثناء حماية موروثه. المشروع جزء من مقاربة مدرَكة لاستكشاف ما يمكن تحقيقه بالموارد المحدودة المتوفّرة، ولاستنبات إمكانيّات التغيير من داخل النسيج التاريخيّ الفلسطينيّ. هذه العمليّة من إعادة قراءة الخارطة تمنح الحياة لمنابت تعاونيّة جديدة وشبكات قادرة على العمل سويّاً لوصل المشهد الفلسطينيّ المشرذم.
بهذا المعنى، لم تعد عمارة الموروث صنيعاً هامداً متجذّراً في القيم الرومانسيّة كما هو معهود في العديد من الدول؛ بل أصبحت شكلاً تفاعليّاً لإحداث التغيير. لقد تمّ تدريجيّاً إعلاء مفهوم وتعريف الموروث، فاتحاً بذلك إمكانيّات لفهم جديد للفراغات المدينيّة والمباني والأفراد. تعانق هذه الإمكانيّات النشاطات والمعاني والممارسات المعاصرة التي يمكن للمرء أن يستخلصها من الماضي لتشكيل المستقبل.