بينالي رِواق الخامس (2014 - 2016)

يعود اسم "بينالي رِواق" إلى مؤسسة، وليس إلى مكان. انطلق في 2005 بهدف توسيع نطاق عمل "رِواق" ونهجها، الساعي إلى إحياء المراكز التاريخية لخمسين بلدة وقرية في أرجاء فلسطين. 

بعبارة أخرى، يأتي هذا البينالي مع أجندة واضحة، تتسق مع جهود "رِواق" في إظهار وكشف الأهمية المتنامية سياسياً ومعرفياً وثقافياً لكل هذا الميراث العمراني في القرى والبلدات العريقة. ولأن مؤسسة "رِواق" لطالما تحدّت، بمنظورها السياسي الواضح ونهجها الدائم والمتواصل، ماهية البينالي ذاتها، فقد قررت هذه المرة أن يمتد "بينالي رِواق الخامس" على مدار عامين كاملين، من حزيران ٢٠١٤ حتى حزيران ٢٠١٦، كحال مُثابِرة ومستمِرّة تتصف بالديمومة وتشكل نقيضاً للتقطع والتشتت. وثمة أمر في دورة العامين هذه أشبه بالمخاطرة، وسيضرب على وترٍ حَسّاس؛ فهذه الدورة ستكون الخطوة الأولى من علاقة قد تصير الأمور فيها أكثر صعوبة؛ ولكنّها أيضاً ستكون الخطوة الأولى نحو حال نأملها من الاستقرار والاستمرارية.
          إضافةً إلى ذلك، فإنّ "بينالي رِواق الخامس" مرتبط مع سياقه المكاني على نحو غير اعتيادي.  إن اعتماد برنامج على مدى عامين أمر يستحق التجربة في أيّ مكان، وقد اختبرت بيناليات عدّة تجارب مماثلة – مانيفستا ٢٠٠٦، تايبيه ٢٠١٠، برلين ٢٠١٢ على سبيل المِثال.  لكن فكرة "الديمومة" لها صدىً مختلف هنا، تَماماً كمفاهيم "الاستدامة" و"المُثابَرة" أو "الوقت المقترض"  الارتباط بالسياق المكاني يعني أنّ مجرّد الإشارة إلى غزّة مثلاً هو استدعاءٌ لدورةِ عامين تَتَّسِمُ بحدّ ذاتِها بعُنفٍ غير مُتَصَوَّر.  إن كانت البيناليات تُنتِجُ دائماً توتّرات وحساسيات بين الاستقلاليّة والتّاريخ، الفنّ واللّغة، فإنّ هذه التوتّرات تعني أشياءً مُختلِفة تماماً حينما يتعلق الأمر بمصطلحات كالاستعمار والتطهير العرقي.

عِوضاً عن الاعتماد على التمثيلات الفنية لهذه القضايا، يَهدف "بينالي رِواق الخامس" إلى تحقيق عددٍ مَحدود من الاقتراحات المتواضِعة.  تتضمّن هذه الاقتراحات الترويج لأجندة رِواق وإثرائها، وتعقّب تسلسل الإنتاج الثقافي الإقليمي، وهَيكلة "بينالي رِواق الخامس" حول نشاطات عامّة، قائمة في رام الله وخارجِها، إضافة إلى تطوير برنامج تَعليمي، والعَمل على تلبِية احتياجات المُمارسين الثقافيين الناشئين، بالتّعاون مع مؤسَّسات فَنيّة مَحلِيَة وعالمية. ويَتمّ تَطوير مَواقِع هذه الأنشطة وغيرها من قبل "رِواق" بالاشتِراك مع فنّانين ومعماريين وطلّاب.

إن مبدأنا في التّنظيم يَقوم على التّفكير "عَبْرَ" البُنى المتاحة.  التّفكير "عَبْرَ" البُنى لا يعادِل التّفكير "في" تلك البُنى و"حَولها" أو "ضدّها". هذا المَشروع لا يَرى البُنى مواضيعَ أو أفكاراً هي بالضّرورةِ عُرضةً للنّقد، بل يسعى إلى جعل البنى مثالات ونماذج في حد ذاتها، كما يساعد في تكوين الجمهور المنبثق عن تلك الممارسة.  ذاك ما يمكن تسميته بـ"المعايشة" الحميمة بين الناس والفضاء العام والإنتاج الثقافي.
           وهذا يشمل بينالي رواق كبنية بحد ذاتها.  وفي ضوء سِياقنا هذا، قد تبدو صيغ أُخرى أكثر ملاءمة.  لكن البينالي هو، أوّلاً وقبل كلّ شيء، عمليّة تراكُم. فعلى مرّ السّنين، كانت دوراته تسكن ذاكرة الجمهور كتعاقب نماذجَ وقِصَص، بروزاً أو خفوتاً. من جهةٍ أخرى، يتمتَّع البينالي بامتيازات الانتشار والسعة، الأضواء والتّشويق.  بهذا المعنى، هو يوطِّد الإحساسَ بالامتداد الزمني والاتساع المكاني، المشهدية والاحتفالية – وهي التي تشكّل الأفضليّات المُميّزة هنا.

بعبارةٍ أخرى، يركّز "بينالي رِواق الخامس" على الحضور؛ الكينونة في الفضاء: من كان هنا سابِقاً؟ من منها ما زال موجوداً؟ وما هي علاقة بُنىً/هَيكَلِيّات مثل "رِواق" بهذا؟ وإن كان "بينالي رِواق الخامس" لا يُعطي الأولويّة للعروض والمعارض، فهو -على الرغم من ذلك- يؤكّد على التّجسيد.  فهو يقارب الأشياء - الموضوعات بوصفها معاييرَ للجمال، ومؤشراتٍ للتاريخ، وبنياناً ذا وظيفة على حدٍّ سَواء. هو يتواصل مع الرؤى الفكرية، ويتلمّس النظريات ووعود الاستدامة في الفن المعاصر، داخل فلسطين وخارجها.

خليل رباح، مدير فني - بينالي رواق
تيرداد ذوالقدر، قيم - بينالي رواق الخامس
ريم الشلة، منسقة - بينالي رواق الخامس

الفريق الاستشاري:
خلدون بشارة، فداء توما، سعاد العامري